أُمَّهاتُ المراثي
هناك ثلاثُ قصائد
خلَّدتْ منْ قِيلتْ فيهم :
ابنُ بقيَّة
الوزيرُ الشهيرُ ، قتلهُ عَضُدُ الدولةِ ، فرثاهُ أبو الحسنِ الأنباريُّ بقصيدتِه
الرائعةِ العامرةِ ، ومنها :
ما أجمل العباراتِ
، وما أجمل الأبياتِ ، وما أنْبَلَ هذهِ المُثُل ، وما أضخم هذهِ المعاني . الله
ما أجْملها من أوسمةٍ ، وما أحسنها من تِيجان !!
لمَّا سمع هذه
الأبيات عضدُ الدولة الذي قتلهُ ، دمعتْ عيناه وقال : وددتُ واللهِ أنني قُتلتُ
وصُلِبْتَ ، وقيِلتْ فيَّ .
ويُقتلُ محمدُ بنُ
حميدٍ الطوسيُّ في سبيلِ اللهِ ، فيقولُ أبو تمام يرثيه :
إلى آخرِ ما قال في تلك القصيدةِ الماتِعةِ ،
فسمِعها المعتصمُ ، وقال : ما مات من قِيلتْ فيه هذهِ الأبياتُ .
ورأيتُ كريماً آخر
في سلالةِ قُتيبة بنِ مسلمٍ القائدِ الشهيرِ ، هذا الكريمُ بذل ماله وجاههُ ،
وواسى المنكوبين ، ووقف مع المصابين وأعطى المساكين ، وأطعم الجائعين ، وكان
ملاذاً للخائفين ، فلمَّا مات ، قال أحدُ الشعراء :
وهذا أبو نواس
يكتبُ تاريخ الخصيبِ أميرِ مِصْرِ، ويسجِّل في دفترِ الزمانِ اسمه فيقولُ :
ثم لا يذكُرُ
الناسُ منْ حياةِ الخصيبِ ، ولا منْ أيامِه إلا هذهِ الأبيات .
*********************************************
وقفــــــةٌ
((اللهمَّ اقِسمْ
لنا مِنْ خشيتِك ما تحُولُ به بيننا وبين معاصيك ، ومنْ طاعتِك ما تُبلُغُنا به
جنَّتك ، ومن اليقينِ ما تُهوِّنُ به علينا مصائب الدنيا ، ومتِّعْنا بأسماعِنا
وأبصارِنا وقوَّتِنا ما أحْييْتنا ، واجْعلْه الوارِث منا ، واجعلْ ثأرنا على منْ
ظَلَمَنا ، وانصُرْنا على منْ عادانا ، ولا تجعلْ مصيبتنا في ديننِا ، ولا تجعلِ
الدُّنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ عِلْمِنا ، ولا تُسلِّطْ علينا بذنوبنا منْ لا
يرحمُنا )) .
قال عليُّ بنُ مقلة
:
****************************************
هناك ثلاثُ قصائد
خلَّدتْ منْ قِيلتْ فيهم :
ابنُ بقيَّة
الوزيرُ الشهيرُ ، قتلهُ عَضُدُ الدولةِ ، فرثاهُ أبو الحسنِ الأنباريُّ بقصيدتِه
الرائعةِ العامرةِ ، ومنها :
عُلُوٌّ في الحياةِ وفي المماتِ | | لحقٌّ تِلْك إحدى المُعجزاتِ |
كأنَّ الناس حوْلك حين قاموا | | وفودُ نداك أيام الصِّلاتِ |
كأنَّك واقِفٌ فيهم خطيباً | | وهمْ وقفُوا قِياماً للصَّلاةِ |
مددت يديْك نحوهمُو اختفاءً | | كمدِّهما إليهمْ بالهِباتِ |
ولما ضاق بطنُ الأرضِ عنْ أنْ | | يُواروا فيه تلك المكْرُماتِ |
أصاروا الجوَّ قبرك واستعاضوا | | عليك اليوم صوت النّائِحاتِ |
وما لك تُربةٌ فأقولُ تُسقى | | لأنَّك نُصْب هطْلِ الهاطِلاتِ |
عليك تحيَّة الرحمنِ تتْرى | | بتبريكِ الفؤادِ الرّائِحاتِ |
لِعظْمِك في النُّفُوسِ تباتُ تُرعى | | بحُراسٍ وحُفَّاظٍ ثقاتِ |
وتُوقدُ حولك النيرانُ ليلاً | | كذلك كُنت أيام الحياةِ |
ما أجمل العباراتِ
، وما أجمل الأبياتِ ، وما أنْبَلَ هذهِ المُثُل ، وما أضخم هذهِ المعاني . الله
ما أجْملها من أوسمةٍ ، وما أحسنها من تِيجان !!
لمَّا سمع هذه
الأبيات عضدُ الدولة الذي قتلهُ ، دمعتْ عيناه وقال : وددتُ واللهِ أنني قُتلتُ
وصُلِبْتَ ، وقيِلتْ فيَّ .
ويُقتلُ محمدُ بنُ
حميدٍ الطوسيُّ في سبيلِ اللهِ ، فيقولُ أبو تمام يرثيه :
كذا فليجلَّ الخطبُ وليَفْدحِ الأمرُ | | فليْس لِعَيْنٍ لم يفِضْ ماؤها عُذْرُ |
تُوفِّيتِ الآمالُ بعد محمَّدٍ | | وأصبح في شُغلٍ عن السَّفرِ السَّفرُ |
تردَّ ثياب الموت حُمْراً فما دَجَى | | لها الليلُ إلا وهي منْ سُنْدُسٍ خُضْرُ |
إلى آخرِ ما قال في تلك القصيدةِ الماتِعةِ ،
فسمِعها المعتصمُ ، وقال : ما مات من قِيلتْ فيه هذهِ الأبياتُ .
ورأيتُ كريماً آخر
في سلالةِ قُتيبة بنِ مسلمٍ القائدِ الشهيرِ ، هذا الكريمُ بذل ماله وجاههُ ،
وواسى المنكوبين ، ووقف مع المصابين وأعطى المساكين ، وأطعم الجائعين ، وكان
ملاذاً للخائفين ، فلمَّا مات ، قال أحدُ الشعراء :
مضى ابنُ سعيدٍ حين لم يبق مشرِقٌ | | ولا مغرِبٌ غلاَّ لهُ فيهِ مادحُ |
وما كنتُ أدري ما فواضِلُ كفِّهِ | | على الناسِ حتى غيَّبتْهُ الصَّفائحُ |
وأصبح في لحدٍ مِن الأرضِ ضيِّقٍ | | وكانتْ به حيّاً تضِيقُ الصَّحاصحُ |
سأبكيك ما فاضتْ دموعي فإنْ تفِضْ | | فحسْبُك مني ما تجِنُّ الجوابِحُ |
فما أنا مِنْ رُزْءٍ وإنْ جلَّ جازِعٌ | | ولا بسرورٍ بعد موتِك فارِحُ |
كأنْ لم يُمتْ حيٌّ سواك ولم تقُمْ | | على أحدٍ إلا عليك النَّوائِحُ |
لئنْ عظُمتْ فيك المراثي وذكْرُها | | لقد عظمتْ مِنْ قبلُ فيك المدائحُ |
وهذا أبو نواس
يكتبُ تاريخ الخصيبِ أميرِ مِصْرِ، ويسجِّل في دفترِ الزمانِ اسمه فيقولُ :
إذا لم تزُرْ أرض الخصيبِ ركابُنا | | فأيَّ بلادٍ بعدهنَّ تزورُ |
فما جازهُ جودٌ ولا حلَّ دونه | | ولكنْ يسيرُ الجودُ حيثُ يسيرُ |
فتىً يشتري حُسْن الثَّناءِ بمالِه | | ويعلمُ أنَّ الدَّائراتِ تدورُ |
ثم لا يذكُرُ
الناسُ منْ حياةِ الخصيبِ ، ولا منْ أيامِه إلا هذهِ الأبيات .
*********************************************
وقفــــــةٌ
((اللهمَّ اقِسمْ
لنا مِنْ خشيتِك ما تحُولُ به بيننا وبين معاصيك ، ومنْ طاعتِك ما تُبلُغُنا به
جنَّتك ، ومن اليقينِ ما تُهوِّنُ به علينا مصائب الدنيا ، ومتِّعْنا بأسماعِنا
وأبصارِنا وقوَّتِنا ما أحْييْتنا ، واجْعلْه الوارِث منا ، واجعلْ ثأرنا على منْ
ظَلَمَنا ، وانصُرْنا على منْ عادانا ، ولا تجعلْ مصيبتنا في ديننِا ، ولا تجعلِ
الدُّنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ عِلْمِنا ، ولا تُسلِّطْ علينا بذنوبنا منْ لا
يرحمُنا )) .
قال عليُّ بنُ مقلة
:
إذا اشتملتْ على اليأسِ القلوبُ | | وضاق لما بهِ الصَّدرُ الرَّحيبُ |
وأوْطنتِ المكارهُ واطمأنَّتْ | | وأرستْ في أماكنِها الخطوبُ |
ولم تر لانكشافِ الضُّرِّوجهاً | | ولا أغنى بحِيلتِهِ الأريبُ |
أتاك على قُنُوطِك منهُ غَوْثٌ | | يمُنُّ به القريبُ المُستجيِبُ |
وكُلُّ الحادثاتِ وإن تناهتْ | | فموصولٌ بها فرجٌ قريبُ |
****************************************